وعندما استولى اليهود على فلسطين في منتصف القرن الرابع عشر الهجري، وأعانهم بعض المنتسبين إلى الإسلام أفتت لجنة الفتوى بالأزهر برئاسة الشيخ عبد المجيد سليم عام 1366هـ بكفر من أعانهم . وفي هذه الأيام و في غزة التي تحالف على حربها اليهود والمنافقون .
ما أحوجنا إلى من يعلنها اليوم من أهل العلم في وجه كل من يتعاون من الحكومات العربية مع اليهود في ذبح أهلنا في غزة ليقال لهم إن ذلك من المظاهرة للكافرين والتي أجمع فيها أهل العلم في القديم و الحديث – كما سبق بيانه – على كفر فاعلها و ردته , ونخص منهم الحكومة التي جندت جنودها في غلق معبر رفح ليُخنَقَ المسلمون في غزة ويمنع عنهم ضروريات الحياة من غذاء و دواء ونقل لجرحاهم ويسلموهم لمحرقة اليهود و جحيمهم , فأيّ تولٍّ لليهود أكبر من هذا...؟ قال الله عز و جل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}] المائدة : 51 [ .
و إن مما يتعلق بالولاء و البراء في مصاب غزة وجوب نصرة إخواننا هناك والحذر من خذلانهم وإسلامهم لعدوهم في هذه الظروف العصيبة . وإنه لمن المحزن و المؤلم لقلب كل مسلم أن يوجد في هذه الأيام من المنتسبين للعلم والدعوة – ولا أقول من العلمانيين والمنافقين – من يرفع عقيرته أو يسخر قلمه للنيل من المجاهدين في غزة ونقدهم بل و الشماتة أحيانًا بهم عياذا بالله .
ونقول لهؤلاء : اتقوا الله وخافوا ربكم , أفي هذا الوقت الذي تتطاير فيه أشلاء النساء و الأطفال و تهدم البيوت على أهلها و تصب عليهم نار القنابل العنقودية و الفسفورية التي تصهر اللحم والعظم يقال هذا الكلام؟
إنكم بصنيعكم هذا تضعون أنفسكم في خندق المعتدي و تعطونه المبرر لارتكاب محرقته من حيث لا تشعرون .
إن أخطاء المجاهدين لا تُسوِّغ خذلانهم أمام عدوهم فهم بشر وليسوا بمعصومين , قال الله عز وجل : {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ }] التوبة : 71[ , وأخطاء المؤمنين لا ترفع الولاية عنهم .
ويا ليت أن نقد هؤلاء توجه إلى فضح إرهاب الكافرين ونفاق الموالين لهم وخياناتهم وبيان جرائمهم كالذي تمارسه الحكومة المصرية وعصبة عباس العلمانية من تواطؤ مع العدو على أهلنا في غزة .
يا إخواننا " اتقوا الله في أنفسكم و أمتكم , واعلموا أنكم ظلمتم أنفسكم فتوبوا إلى بارئكم واذكروا قوله صلى الله عليه و سلم ( ما من امرئ يخذل امرء مسلما في موطن ينتقص فيه عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا خذله الله تعالى في موطن يحب فيه نصرته ] رواه احمد و أبو داوود وهو صحيح [ .
ألا يكفي المسلمين من الحزن والحرقة والألم مما يصيب إخوانهم في غزة حتى يأت هؤلاء بما يزيد الألم آلامًا من هذه المواقف المخذلة والشامتة .
إن ما يحصل في غزة إنما هو حرب يهودية صليبية على الإسلام والمسلمين وليس على حماس وحدها، حرب تميز الناس فيها إلى فئتين متقابلتين : فئة مسلمة لا ترضى بغير الإسلام حلاً وبديلاً وترفض الخنوع والاستسلام والتنازل لليهود عن فلسطين، وفئة أخرى كافرة يتحالف فيها اليهود وإخوانهم من المنافقين على الإسلام و أهله ، فمع أي الفئتين يضع المسلم نفسه ، وفي أيِّ الخندقين يجب أن يكون ، أفي خندق الكفر الحاقد على الإسلام وأهله أم في خندق الإسلام وأهله ؟ أفي ذلك غموض واشتباه ؟ إنه والله لا غموض فيه ولا لبس . وإن الأمر جِدُّ خطير ، وامتحان للتوحيد في قلب المؤمن القائم على عبادة الله وحده والكفر بما سواه والموالاة والمعاداة فيه .
نسأل الله عز و جل أن يجعلنا من الموحدين الصادقين سلمًا لأوليائه حربًا على أعدائه كما نسأله سبحانه أن يجعل لإخواننا في غزة من كل هم فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا ومن كل بلاء عافيةً والحمد لله رب العالمين