السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وصف جميل ... ووصية أجمل ..
اطرح عليكم هذا الوصف المنقول من مصادر عده
.. لسان ذو فصاحة وبيان , يحرّكه عقل وافر , وجواب حاضر .. أما سوى ذلك فأنا اترك لكم الوصفَ , لأنه أحسن وصف يصفه واصف بنظم أو بنثر .. لاأشك أنكم ستلاحظوا دقة رسمها , وروعة ذوقها , وأقول : لو أفرغنا هذه التقاطيع التي وصفتها السفيرة العرّافة في لوحة زيتية على يد رسام محترف , ووضعنا اللوحة في واجهة عرض, أو شارك فيها عبر معرض رسم :فإنها لن تسبق؟
. ناهيك عما أضفت عليها من جمال خُلق, ورجاحة عقل , وفصاحة لسان .... لعشاق الادب العربي ولغته الجميلة
اطرح عليكم هذا الموضوع المنقول من مصادر عده راجيا من الله ان ينفع به ...
كان ملك باليمن يقال له الحارث بن عمرو الكندي .. مَلِكُ كِنْدَةَ، وذلك أ نه لما بلغه جَمَالُ ا بنة عَوْف بن مُحَلِّم الشَّيْبَاني وكمَالُها وقوة عَقْلها دعا امرأةً من كِنْدَة يُقَال لها عِصَام ذاتَ عقل ولسان وأدَب وبَيَان، وقَالَ لها: اذهبي حتى تعلمي لي عِلْم ابنَةِ عَوْف، فمضَتْ حتى انتهت إلى أمها، وهى أمامَةُ بنةُ الحارث، فأعلمتها ما قدمَتْ له، فأرسلت أمامة إلى ابنتها، وقَالَت: أي بنية، هذه خالتُك أتَتْكِ لتنظر إليك، فلاَ تستُرِي عنها شيئاً إن أرادت النظر من وجهٍ أو خلق، وناطقيها إن استنطقتك، فدخلت إليها فنظرت إلى ما لم ترقَطُ مثله، فخرجت من عندها وهي تقول: ترك الخِدَاعَ مَنْ كَشَفَ القَناع، فأرسلتها مثلاً، ثم انطلقت إلى الحارث فلما رآها مقبلة قَالَ لها: ما وراءك ياعصام؟انظروا معي كيف ترسم بالكلمة , فتنطق الصورةُ بما لا أجلى ولااحلى , وفي خطوط وأشكال جمالية عصرية أنيقة . وهاهي اللوحة التي رسمتها للملك :
قَالَت: صَرَّحَ المَخْضُ عن الزُّبْد، ثم قالت اقول حقا واخبرك صدقا لقد رأيت جَبْهة كالمِرْآة المصقولة، يزينها شعر حالك كأذناب الخيل المضفورة، إن أرْسَلَتْه خِلْته السلاَسل، وإن مشطته قلت عناقيد جَلاَها وابل. لها حاجبين كأنما خُطّا بقلم، أو سُوِّدا بحمم، تقوَّسا على مثل عَيْني الظبية العَبْهَرَة،( الجامعة للحسن) التي لم تر قانصا ولم تذعرها قسورة ( الاسد) تبهتان المتوسم اذا فتحتهما بينهما أنف كحدِّ السيف المصقول الصَّنيع، لم يخش الخنس لم يزر به قصر ولم يمعن به طول حَفَّتْ به وَجْنَتَان كالأرجُوان،( زهر احمر ) في بياض كالجُمَان ( اللؤلؤ)، شُقَّ فيه فم لذيذ الملتثم كالخاتم، لذيذ المبتسم، فيه ثَنَايا غُروأسنان كالدر ذات أشَر،(أشر الاسنان : الذي يكون فيها من برد ونقاء وهو نوع من الجمال ) ينطقَ فيه لِسَان، ذو فصاحة وبيان، يحركه عقل وافر، وجواب حاضر، تلتقي دونه شَفَتَان حَمْرَاوان،كأنهما في لين الزبد ..
تحلبان ريقاً كالشهد إذا دلك، نصب على ذلك عنق ا بيض كأنه ابريق فضة، لها صَدرْ كصَدْر التمثال ، مدت منه عَضُدان مُدْمَجتَان ممتلئتان لحما مكتنزتان شحما متصلة بهما ذراعان ما فيهما عظم يُمَسُّ، ولاَ عرق يجس، متصلة بهما كفان رقيق قصبهما لين عَصَبُهُما، تعقد إن شئت منهما الأنامل، وتركب الفصوص في حفر المفاصل نتأ في ذلك الصدر ثَدْيان كالرمَّانتين يخرقان عنها ثيابها، ويمنعانها من ان تقلد سخابا ( القلادة) اسفل من ذلك بطن طُوِى كطيَّ القَبَاطي ( القمصان ) ِّ المدمجة كسي عُكَنا ( ما انطوي وتثنى من لحم البطن )ً كالقَرَاطيس المدرجة، تُحِيطُ تلك العكن بسُرَّة كمُدْهُن العاجِّ، لها ظهر فيه كالجدول، ينتهي إلى حضر لولاَ رحمة الله لاَ نَبَتَرَ، لها كفَلُ يُقْعدها
اذا نهضت و ينهضها اذا قعدت كأنه وعص من الرمل ..لبده سقوط الطل .. اسفل من ذلك
فخذان لفاوان كأنما نصبتا على نضيد جمان متصلة بهما ساقان بيضاوان خدلجتان ( المرأة
الممتلئة الذراعين والساقين ) قد وشيتا بشعر اسود كأنه حلق الزود يحمل ذلك كله قدمان
كحذو اللسان مع لطافتهما كيف تطيقان حمل ما فو قهما ؟
واما ما سوى ذلك فإ ني تركت نعته ووصفه لدقته الا انه كأ كمل واحسن واجمل ما وصف
في شعر او قول .
فبعث الى ابيها فخطبها اليه فزوجها اياه فبعث اليها من الاصناف بمثل مهور نساء الملوك
بمائة الف درهم والف من الابل ..
فلما حان ان تحمل اليه دخلت اليها امها لتوصيها فقالت :
نصيحة أمامة بنت الحارث لأبنتها فى ليلة زفافها
- أي بنيّة ان الوصية لو تركت لعقل وادب او مكرمة في حسب
لتركت ذلك منك ولزويته عنك ولكن الوصية تذكرة للعاقل ومنبهة للغافل ...
- أي بنيّة , لو أنّ امرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها :كنتِ أغنى الناس عنه, ولكن النساء خلقْن للرجال ,ولهنّ خُلق الرجال
أي بنية، إنك قد فارقت الحواء الذي منه خرجت والوكر الذي منه درجت إلى وكر لم تعرفيه وقرين لم تألفيه، فأصبح بملكه عليك ملكاً فكوني له أمة يكن لك عبداً، احفظي عني خصالاً عشراً تكن لك دركاً وذكراً.
الأولى والثانية
فالمعاشرة له بالقناعة، و حسن السمع له والطاعة، فإن في القناعة راحة للقلب، وفي حسن السمع والطاعة رضى الرب
الثالثة والرابعة
فلا تقع عيناه منك على قبيح ولا يشم
أنفه منك إلا أطيب ريح، واعلمي ان الماء أطيب المفقود وإن الكحل أحسن الحسن الموجود،
الخامسة والسادسة
فالتعاهد لموضع طعامه والهدوء عند منامه، فإن حرارة الجوع ملهبة وإن تنغيص النوم مغضبة
السابعة والثامنة
فالاحتفاظ بماله والرعاية على حشمه وعياله فإن الاحتفاظ بالمال من حسن القدير ، والارعاء على الحشم والعيال من حسن التدبير.
التاسعة والعاشرة
فلا تفشي له سراً ولا تعصي له في حال أمراً، فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره وإن عصيت أمره أو غرت صدره، واتقى الفرح لديه إذا كان ترحاً، والاكتئاب عنده إذا كان فرحاً، فإن الخصلة الأولى من التقصير والثانية من التكدير،واحسن ما تكونين له موافقة، وأطول ما تكونين له مرافقة، وأعلمي انك لن تصلي إلى ما تحبين منه حتى تؤثري رضاه على رضاك، وهواه على هواك، فيما أحببت وكرهت، والله يخير لك ويحفظك.
فلما حملت اليه غلبت على امره وولدت منه سبعة املاك ملكوا من بعده .